مبارك يملك تسع طائرات رئاسية من طراز 'غولف ستريم' اشتراها من خلال المساعدات العسكرية الامريكية الى مصر 2011-02-15

واشنطن ـ يو بي اي: 'مقابر القاهرة' هي مزيج صاخب من
القبور والأضرحة يعيش فيها حوالي 5 ملايين من المشردين والفقراء (من أصل 18
مليونا هم سكان العاصمة المصرية) ويعملون بين أقاربهم وأجدادهم الموتى.
تقع
'مدينة الموتى' عند تلال المقطم وتمتد على مساحة 4 كيلومترات من شمال
القاهرة الى جنوبها. وبما ان 40 ' من سكان مصر البالغ عددهم حوالي 82
مليونا يعيشون تحت أو على خط الفقر الذي تحدده الأمم المتحدة بدولارين في
اليوم، يأتي العديد منهم إلى مدينة الموتى بحثاً عن المأوى والعمل والطعام.
ومن
أجل مواكبة الضغوط السكانية، على الحكومة المصرية أن تخلق مليون فرصة عمل
جديدة سنوياً، وهي مهمة مستحيلة، لذلك فإن البيروقراطية المصرية التي بدأت
قبل خمسة آلاف عام ما زالت في ازدياد مستمر.
وقاد الارتفاع الأخير بنسبة 30 ' في أسعار الغذاء العالمية، الضغوط الاجتماعية إلى الغليان.
وبعد ثلاثة أسابيع من التظاهرات على مدار الساعة، تنحّى حسني مبارك عن 'عرشه الفرعوني' ولكنه لم يغادر مصر.
وفي
مقره في شرم الشيخ على البحر الأحمر، كان مبارك محاطاً بمئات من الحراس
المخلصين والعاملين في أمن الدولة. وعلى الطرق القريبة، تم تفتيش السياح
والصحافيين من قبل الشرطة. وفي القاهرة، تم إخلاء ميدان التحرير الذي احتله
حوالي 250 ألف متظاهر ليل نهار لثلاثة أسابيع تقريباً، وقام الجيش بجزء
كبير من هذه المهمة.
عاد المتظاهرون إلى بيوتهم ولكن هناك الكثير من
الغمز واللمز عن العودة الى الساحة ما لم يسارع الجيش إلى إجراء انتخابات
حرة وتشكيل حكومة مدنية جديدة لا علاقة لها بنظام مبارك. وفعلاً عاد بضع
عشرات الى ميدان التحرير الذي لا يزال تحت حراسة الدبابات وناقلات الجند
المدرعة، وكان أفراد الجيش قاموا بتفكيك خيام المحتجين وأظهروا لهم بحزم
طريق الخروج.
وأصبح المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو حاكم مصر الرسمي،
بعد حل مجلسي الشورى والنواب وتعليق الدستور ما يعني وضع مصر تحت الأحكام
العرفية.
ورئيس الدولة بالوكالة هو الآن المشير محمد حسين طنطاوي (75
عاماً) المحسوب على مبارك والذي يتولى قيادة الجيش منذ عام 1995، وهو أيضاً
وزير الدفاع والرجل المسؤول عن إجراء الانتخابات في الخريف. كما ان حكومة
تصريف الأعمال تتألف من موالين لمبارك.
وفي وثيقة لوزارة الخارجية
الامريكية كشفها موقع ويكيليكس، وصف مسؤول امريكي طنطاوي بأنه 'كلب مبارك'.
وفي حرب الخليج عام 1991، قاد إحدى الفرقتين المصريتين اللتين شاركتا فيها
وطور علاقات وثيقة مع ضباط امريكيين.
وكان أول قرار سياسي هو حل
البرلمان حيث فاز حزب مبارك، الحزب الوطني الديمقراطي، بمعظم المقاعد في
انتخابات العام الماضي. وكان الإخوان المسلمون انسحبوا من الجولة الثانية
من الانتخابات، متهمين الحكومة بـ'الإرهاب والاحتيال والعنف الذي تقوم به
الشرطة والبلطجية'.
والأولوية الرئيسية لطنطاوي الآن هي استعادة الأمن.
علماً ان سجناء من ستة سجون، سمح لهم بالهرب أو تمكنوا من ذلك بمفردهم
أثناء الاحتجاجات التي شملت الإسكندرية والمنصورة وطنطا وبورسعيد في دلتا
النيل وأسوان وأسيوط في صعيد مصر، ومن بينهم بعض المشتبه بانتمائهم لتنظيم
القاعدة.
مصر الآن في منطقة الشفق. فمجلس طنطاوي الحاكم يمسك لوحده
بزمام السيطرة لمدة ستة أشهر أو حتى يتم إجراء الانتخابات الرئاسية
والبرلمانية. وقد تم وقف العمل بأحكام الدستور ويتعيّن تعديل مواده أو
إعادة كتابتها. ولكن أحدا لا يصدق أن هذا يمكن أن يحصل قبل نهاية العام.
أضف إلى أنه يتعيّن أيضاً التفاوض حول القواعد لإجراء استفتاء شعبي للتصديق
على التعديلات الدستورية.
تواجه مصر إذاً ماراثوناً لحل عقبات قانونية
قد يستغرق أشهراً ويغضب الملايين من المحتجين الذين يشتبهون أصلاً بوجود
حيلة مدبّرة. فهم لا يستطيعون الوقوف في وجه الجيش، أكثر مؤسسات البلاد
شعبية، كما ان قادة الجيش ليسوا في عجلة من أمرهم لرؤية حكومة مدنية،
منتخبة ديمقراطياً، والبحث في ضلوع الجيش في الاقتصاد.
فلا يعلم أحد حجم
حصة الجنرالات من الاقتصاد. وهذا النظام نسخة جزئية من الجيش الباكستاني
حيث يمسك ضباط متقاعدون بنحو 60 ' من الاقتصاد. أما في مصر، فتتراوح
تقديرات حصة الجنرالات العسكريين بين 20 و45 '.
وكان مبارك وعلى مدى
السنوات الثلاثين الماضية التي تولى فيها السلطة، سهّل عقوداً حكومية كبيرة
للأصدقاء والمقربين حتى أصبحت مصر تضم الآن 26 مليارديراً. وقد تزوج جمال
مبارك، نجل الرئيس السابق، ابنة واحد منهم. وبعد فترة وجيزة من اندلاع
الثورة الشعبية في مصر في 25 كانون الثاني يناير الماضي غادر عدد من هؤلاء
الأثرياء على متن طائرات خاصة.
أما ثروة مبارك التي روجّت قناة الجزيرة
لتقارير تفيد بأنها تتراوح بين 40 و70 مليار دولار، فهي أقرب إلى مليار أو
ملياري دولار وهما رقمان مذهلان أيضاً.
احتفظ مبارك لنفسه بأسطول من تسع
طائرات رئاسية من طراز 'غولف ستريم' تبلغ قيمتها 335 مليون دولار اشتراها
من خلال المساعدات العسكرية الامريكية التي تبلغ 1.3 مليار دولار سنوياً.
قيل
الكثير وكتب الكثير عن دور وسائل الإعلام الاجتماعي في إشعال الثورة
المصرية. وأعيد الفضل الأكبر لفيسبوك وتويتر. وظهر وائل غنيم، المسؤول
التنفيذي عن قسم الإعلانات في فرع غوغل بدبي، كأحد أبرز أصوات الثورة في
مجال الانترنت وهو ما كلفه 12 يوماً في السجن قبل أن يطلق سراحه ويعود مرة
أخرى إلى ميدان التحرير حيث التف حوله المهنئون ولكن ذلك كان 'ميغابايت'
واحدا فقط من ثورة الانترنت.
فقد أطلق الوابل الأول في 17 كانون الأول
ديسمبر، حين قام بائع الخضار التونسي محمد البوعزيزي، بإحراق نفسه، مشعلاً
بذلك الانتفاضة التونسية التي قادت إلى هروب الرئيس زين العابدين بن علي.
والقليل من الشبكات الاجتماعية الأوروبية سارت مع الفكرة التي قدمت الشعلة
للمصريين لإشعال ثورتهم.
وكان يوم 25 يناير عيد الشرطة في مصر ويوم
عطلة عامة. وشبكة '43 شيئاً' الاجتماعية الأوروبية هي الموقع الذي تشاطر
الغير هدفاً تنشئه على الشبكة وتسأل أصدقاء جددا أن 'يشحذوه'. هذا أمر
مثالي لتحسين فكرة اجتياح ميدان التحرير. وقد ////ت شبكتا 'بادو' و'بيدو'
الأوروبيتان خيام الانترنت أيضاً وأرسلت موفدين. ومنحت مضخة الانترنت لغنيم
وانتقلت عدوى الإنترنت الآن إلى جميع أنحاء العالم العربي.
أغضبت قناة
الجزيرة، ومقرها قطر، الزعماء العرب من مراكش إلى المدينة المنورة
بانتقاداتها الليبرالية الحقودة واللاذعة للملوك والأنظمة الاستبدادية.
وكانت تغطيتها المتواصلة للثورة المصرية رائعة بصرياً ولكن تحليلاتها
المستمرة كانت تهليلاً دائماً للذين أعلنوا أنفسهم ثواراً.
وفي هذا
الوقت تنظم في الجزائر، التي ترزح تحت الحكم الديكتاتوري منذ استقلالها عام
1962، وفي اليمن التي يحكمها الرئيس نفسه منذ 33 عاماً، تظاهرات يومية
تقريباً. ولكن الدول النفطية الخليجية التي تخضع لحكم وراثي، تبدو هادئة في
الوقت الحاضر. أما الكويت فلم تجازف وأعلنت عن صرف 3000 دولار لكل مواطن
معفاة من الضرائب. وتلتها البحرين التي صرفت 2700 دولار لكل مواطن.